Admin Admin
عدد المساهمات : 707 تاريخ التسجيل : 26/01/2009 العمر : 35
| موضوع: الغاية من الخلق وحكمة الوجود ( ج2 الخميس فبراير 19, 2009 10:42 am | |
| قيمة الاعمال مستمدة من بواعثها لا من نتائجها
ومن مقتضيات استقرار معنى العبادة ان يقوم بالخلافة في الارض وينهض بتكاليفها ويحقق اقصى ثمراتها وهو في الوقت ذاته نافظ يديه منها خالص القلب من جواذبها ومغرياتها قال الامام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه ( عش لدنياك كانك لم تموت ابدا وعش لاخرتك كانك تموت غدا ) ومن مقتضياته كذلك ان تصبح قيمة الاعمال في النفس مستمدة من بواعثها لا من نتائجها فلتكن النتائج ما تكون فالانسان غير معلق بهذه النتائج انما هو معلق باداء العبادة في القيام بهذه الاعمال ولان جزاءه ليس في نتائجها وانما جزاءه في العبادة التي اداها 0000 ومن ثم يتغير موقف الانسان تغيرا كاملا تجاه الواجبات والتكاليف والاعمال فينظر فيها كلها الى معنى العبادة الكامن فيها ومتى حقق هذا المعنى انتهت همته وتحققت غايته ولتكن النتائج ما تكون بعد ذلك فهذه النتائج غير داخلة في واجبه ولا في حسابه وليست من شانه انما هو قدر الله ومشيئته وهو وجهده ونيته وعمله جانب من مدد الله ومشيئته وقد نفظ الانسان قلبه من نتائج العمل والجهد وشعر انه اخذ نصيبه وضمن جزاءه بمجرد تحقق معنى العبادة في الباعث على العمل والجهد فلا يبقى في قلب الانسان حينئذ بقية من الاطماع التي تدعو الى التكالب والخصام على اعراض هذه الحياة فهو من جانب يبذل اقصى ما يملك من الجهد والطاقة في الخلافة والنهوض بالتكاليف ومن جانب ينفض يده وقلبه من التعلق باعراض هذه الارض وثمرة هذا النشاط فقد حقق هذه الثمرات ليحقق معنى العبادة فيها لا ليحصل عليها ويحتجزها لذاته والقران يغذي هذا الاحساس ويقويه باطلاق مشاعر الانسان من الانشغال بهم الرزق ومن شح النفس فالرزق في ذاته مكفول تكفل به الله تعالى لعباده وهو لا يطلب اليهم بطبيعة الحال ان يطعموه – سبحانه – او يرزقوه حين يكلفهم انفاق هذا المال لمحتاجيه والقيام بحق المحرومين فيه قال تعالى ( ما اريد منهم رزق وما اريد ان يطعمون () ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) 57 – 58 الذاريات 0 اذا لا يكون حافز المؤمن للعمل وبذل الجهد في الخلافة هو الحرص على تحصيل الرزق بل يكون الحافز هو تحقيق معنى العبادة الذي يتحقق ببذل اقصى الجهد والطاقة ومن ثم يصبح قلب الانسان معلق بتحقيق معنى العبادة في الجهد طليقا من التعلق بنتائج الجهد 0000000 وهي مشاعر كريمة لا تنشا الا في ظل هذا التصور الكريم اذا كانت البشرية لا تدرك هذه المشاعر ولا تتذوقها فذالك لانها لم تعش – كما عاش جيل المسلمين الاول – في ظلال هذا القران ولم تستمد قواعد حياتها من الدستور العظيم 0وحين يرتفع هذا الانسان الى هذا الافق افق العبادة او افق العبودية ويستقر عليها فان نفسه تانف حتما من اتخاذ وسيلة خسيسة لتحقيق غاية كريمة ولو كانت هذه الغاية نصر دعوة الله وجعل كلمته هي العليا ومن جه اخرى فهو لا يعني نفسه ببلوغ الغايات انما يعني نفسه باداء الواجبات تحقيقا لمعنى العبادة في الاداء اما الغايات فموكلة لله ياتي بها وفق قدره الذي يريده ولا داعي لاعتكاف الوسائل والطرق للوصول الى غاية امرها الى الله وليس داخلة في حساب المؤمن العابد لله ثم يستمتع العبد العابد براحة الضمير وطمانينة النفس وصلاح البال في جميع الاحوال سواء راى ثمرة عمله ام لم يراها تحققت كما قدرها ام على عكس ما قدرها فهو قد انهى عمله وضمن جزاءه عند تحقق معنى العبادة واستراح وما يقع بعد ذلك خارج عن حدود وظيفته 000 وقد علم هو انه عبد فلم يعد يتجاوز بمشاعره ولا بمطالبة حدود العبد وعلم ان الله رب فلم يعد يقتحم فيما هو من شؤون الرب واستقرت مشاعره عند هذا الحد ورضي الله عنه ورضى هو عن الله وهكذا تتجلى جوانب من تلك الحقيقة الضخمة الهائلة التي تقررها اية واحدة قصيرة( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) وهي حقيقة كفيلة بان تغير وجه الحياة كلها عندما تستقر حقا في الضمير 0000
| |
|