Admin Admin
عدد المساهمات : 707 تاريخ التسجيل : 26/01/2009 العمر : 35
| موضوع: سيرة النبى صلى الله علية وسلم 4 الأحد يونيو 21, 2009 1:21 am | |
| - الرسول -صلى الله عليه وسلم- فى الطائف: لم يكد عام الحزن -العام العاشر للبعثة- يشارف على نهايته حتى أظهرت صفحاته حادثة أليمة أخرى كانت تنتظر النبى -صلى الله عليه وسلم-، فدور مكة التى أوصدت أبوابها دون دعوته، وسفهاؤها الذين صاروا يتجرؤون عليه بعد وفاة عمه أبى طالب، وكبراؤها الذين كاشفوه العداوة والبغضاء، وتطاولوا على ضعاف المسلمين- كل ذلك قد دفع الرسول أن يلتمس النصرة خارج مكة، وإلى الطائف كان المسير، حيث قطع النبى -صلى الله عليه وسلم- ستين ميلا متوجها إليها على قدميه، معه مولاه زيد بن حارثة فى شوال من العام العاشر للنبوة، فمكث فيها عشرة أيام يدعو أهلها، فردوا عليه دعوته، وأساءوا وفادته، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل تطاولوا عليه، وآذوه فى رحلة عودته. وعاد النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، وبلغ مشارفها فسأله زيد معجبًا: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟، فأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مطمئنًا: يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا. إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- الذى أنهكت جسده أحداث هذه الرحلة العصيبة، ظل قلبه وعقله يحلقان بعيدًا يلتمسان الهدى من السماء، ويستشرفان المستقبل لهذا الدين الجديد، لا يفت فى عضده شىء، ولا يوهن من عزيمته أحد، ولا يحنى من قامته إيذاء أو حادث. كيف؟!، وربه حسبه ونعم الوكيل. والتمس محمد -صلى الله عليه وسلم- الجوار فى مكة، حتى أجيب إلى ذلك، فدخل فى جوار المطعم بن عدى.
- عرض الإسلام على القبائل: محمد -صلى الله عليه وسلم- رسول الله ليس إلى قريش خاصة، بل إلى العالمين كافة؛ ولهذا السبب فإن قدمى محمد -صلى الله عليه وسلم- دأبتا على السعى بين قبائل العرب؛ ليدعوهم إلى الإسلام، منتهزًا فرصة موسم الحج، أما فى هذا العام -العام العاشر للنبوة- فقد أصبح للنبى من دعوتهم هدف جديد، تمثل هذا الهدف فى طلب صريح للحماية من القبائل العربية، حتى يتمكن من تبليغ دعوة الله -عز وجل-. ومن هذه القبائل التى دعاها -صلى الله عليه وسلم- فى هذا العام: بنو كلب، وبنو عامر، وبنو شيبان بن ثعلبة، وبنو حنيفة الذين أتاهم فى منازلهم فدعاهم، فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردًا منهم.
- عرض الإسلام على الأفراد خارج مكة: الناس فى ميزان الرجال ليسوا سواء، وإن كان إبراهيم -عليه السلام- أمةً كما وصفه ربه، فإن دونه رجال قد يوزن الواحد منهم بقبيلةً أو أكثر، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذى كان يقصد القبائل فى موسم الحجيج، لم يكن يفوته أن يأتى رجالاً بأعينهم، أو أن يجلس إليهم إن هم بادروه، ومن هؤلاء الرجال الذين لبوا نداء الحق حين سمعوه فى زيارتهم لمكة: سويد بن صامت، وإياس بن معاذ، وأبو ذر الغفارى، وطفيل بن عمرو الدوسى، وضماد الأزدى.
- بشرى من يثرب: فى سكون الليل وظلمته، وبينما أوى أهل مكة وحجيج العام الحادى عشر للنبوة إلى فرشهم نائمين، إذ كان هناك فريقان لم يزر النوم عيونهم اليقظة. أما الفريق الأول فستة من شباب الخزرج، ممن ذكرهم موسم الحج بنبوءة جيرانهم وحلفائهم من يهود يثرب، بأن نبيًا من الأنبياء مبعوثًا فى هذا الزمان سيخرج فتتبعه يهود ويقتلون معه العرب قتل عاد وإرم، ثم أقض مضجعهم أيضًا ما تركوه بيثرب من حرب أهلية بينهم وبين بنى عمهم من الأوس، أكلت الأخضر واليابس، وأنهكت قواهم، وذهبت بها؛ فأخذوا يتحدثون فيما بينهم حديثــًا سرى فى هدوء الليل، وتسلل إلى آذان الفريق الثانى: محمد -صلى الله عليه وسلم- النبى الشغوف بدعوته وصاحبيه أبى بكر، وعلى، فقصدوا إلى شباب الخزرج وسألهم النبى: من أنتم؟، قالوا: نفر من الخزرج، فقال: من موالى يهود؟ -أى من حلفائهم-، فقالوا: نعم، فعرض عليهم -صلى الله عليه وسلم- الإسلام ودعاهم إلى الله وحده، وتلا عليهم القرآن فتفجرت ينابيع الحق من قلوبهم النقية، وأنفسهم الظمأى إلى حلاوته، وأسرعوا يقولون لبعضهم البعض: تعلمون والله ياقوم إنه النبى الذى توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه. وأسلموا على يديه -صلى الله عليه وسلم- ثم قالوا له: إنا قد تركنا قومنا ولاقوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك. ورجع هؤلاء المسلمون الجدد إلى بلدهم حاملين رسالة الإسلام، حتى لم تبق دار من دورها إلا وفيها ذكر محمد. وهكذا شاء من جعل سجن يوسف المظلم طريقًا لظهور الحق وعلوِّ الشأن، أن تكون هذه الليلة التى رآها المسلمون مظلمة؛ لضياع قوتهم، وقلة حيلتهم، وانصراف القبائل عن دعوته- أن تكون طريقًا أيضًا لظهور الحق وعلوِّ الشأن، وسبحان من قال: (لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا).
- زواجه-صلى الله عليه وسلم- من عائشة: يبدو أن العام الحادى عشر للبعثة يحمل بشرى جديدة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمع بشرى يثرب التى كانت تقدمة لدولة جديدة للمسلمين بالمدينة، صارت هناك بشرى أخرى، وهى زواجه -صلى الله عليه وسلم- فى شوال من هذه السنة بعائشة الصديقة بنت صاحبه أبى بكر، والتى كانت تقدمة لبداية جديدة لبيت النبوة بالمدينة. فقد بنى بها -صلى الله عليه وسلم- بعد ثلاث سنين فى شوال فى السنة الأولى من الهجرة.
-------------------------------------------------------------------------------- | |
|