Admin Admin
عدد المساهمات : 707 تاريخ التسجيل : 26/01/2009 العمر : 35
| موضوع: باب ذكر خلق الجان وقصة الشيطان الأحد مايو 31, 2009 10:29 am | |
| وقد ذكر تعالى هذه القصة في سورة البقرة ، وفي الأعراف ، وهاهنا ، وفي سورة سبحان ، وفي سورة طه ، وفي سورة ص ، وقد تكلمنا على ذلك كله في مواضعه في كتابنا التفسير ، ولله الحمد . وسنوردها في قصة آدم إن شاء الله .
والمقصود أن إبليس أنظره الله ، وأخره إلى يوم القيامة ; محنة لعباده ، واختبارا منه لهم ، كما قال تعالى : وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ [ سبأ : 21 ] . [ ص: 136 ] وقال تعالى : وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام [ إبراهيم : 22 - 23 ] .
فإبليس لعنه الله حي الآن ، منظر إلى يوم القيامة بنص القرآن ، وله عرش على وجه البحر ، وهو جالس عليه ، ويبعث سراياه يلقون بين الناس الشر والفتن . وقد قال الله تعالى : إن كيد الشيطان كان ضعيفا [ النساء : 76 ] . وكان اسمه قبل معصيته العظيمة عزازيل قال النقاش : وكنيته أبو كردوس . ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد : ما ترى ؟ قال : أرى عرشا على الماء . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اخسأ فلن تعدو قدرك . فعرف أن مادة مكاشفته التي كاشفه بها شيطانية مستمدة من إبليس الذي هو يشاهد عرشه على البحر ، ولهذا قال له اخسأ فلن تعدو قدرك . أي : لن تجاوز قيمتك الدنية الخسيسة الحقيرة .
والدليل [ ص: 137 ] على أن عرش إبليس على البحر الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا صفوان حدثني ماعز التميمي ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عرش إبليس في البحر يبعث سراياه في كل يوم يفتنون الناس فأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنة للناس .
وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عرش إبليس على البحر يبعث سراياه فيفتنون الناس فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة . تفرد به من هذا الوجه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا مؤمل ، حدثنا حماد ، حدثنا علي بن زيد ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صائد : ما ترى ؟ قال : أرى عرشا على الماء . أو قال : على البحر حوله حيات . قال صلى الله عليه وسلم : ذاك عرش إبليس . هكذا رواه في مسند جابر . وقال في مسند أبي سعيد ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أنبأنا علي بن زيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صائد : ما ترى ؟ قال : أرى عرشا على البحر حوله الحيات . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق ذاك عرش إبليس .
وروى الإمام أحمد من طريق ماعز التميمي ، وأبي الزبير ، عن جابر [ ص: 138 ] بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ، ولكن في التحريش بينهم . وروى الإمام مسلم من حديث الأعمش ، عن أبي سفيان طلحة بن نافع ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الشيطان يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه في الناس فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة يجيء أحدهم فيقول : ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا . فيقول إبليس : لا والله ، ما صنعت شيئا . ويجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله . قال : فيقربه ويدنيه ويلتزمه ، ويقول : نعم أنت . يروى بفتح النون بمعنى : نعم أنت ذاك الذي تستحق الإكرام . وبكسرها أي : نعم منك . وقد استدل به بعض النحاة على جواز كون فاعل نعم مضمرا ، وهو قليل واختار شيخنا الحافظ أبو الحجاج الأول ، ورجحه ، ووجهه بما ذكرناه ، والله أعلم .
وقد أوردنا هذا الحديث عند قوله تعالى : ما يفرقون به بين المرء وزوجه [ البقرة : 102 ] . يعني : أن السحر المتلقى عن الشياطين من الإنس والجن يتوصل به إلى التفرقة بين المتآلفين غاية التآلف المتوادين المتحابين ، ولهذا يشكر إبليس سعي من كان السبب في ذلك ، فالذي ذمه الله يمدحه ، والذي يغضب الله يرضيه عليه لعنة الله ، وقد أنزل الله عز وجل سورتي المعوذتين مطردة لأنواع الشر وأسبابه وغاياته ، ولا سيما سورة : قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس . وثبت [ ص: 139 ] في الصحيحين ، عن أنس ، وفي صحيح البخاري ، عن صفية بنت حيي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن بحر ، حدثنا عدي بن أبي عمارة ، حدثنا زياد النميري ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس ، وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس .
ولما كان ذكر الله مطردة للشيطان عن القلب كان فيه تذكار للناسي ، كما قال تعالى : واذكر ربك إذا نسيت [ الكهف : 24 ] . وقال فتى موسى : وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [ الكهف : 63 ] . وقال تعالى : فأنساه الشيطان ذكر ربه [ يوسف : 42 ] . يعني الساقي لما قال له يوسف : اذكرني عند ربك . نسي الساقي أن يذكره لربه يعني مولاه الملك . وكان هذا [ ص: 140 ] النسيان من الشيطان ، فلبث يوسف في السجن بضع سنين ، ولهذا قال بعده : وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة [ يوسف : 45 ] . أي : تذكر قول يوسف له : اذكرني عند ربك . بعد مدة وقرئ : " بعد أمه " أي نسيان ، وهذا الذي قلنا من أن الناسي هو الساقي هو الصواب من القولين ، كما قررناه في التفسير ، والله أعلم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عاصم سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره فقلت : تعس الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقل تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت : تعس الشيطان تعاظم ، وقال : بقوتي صرعته . وإذا قلت : بسم الله . تصاغر حتى يصير مثل الذباب . تفرد به أحمد ، وهو إسناد جيد . وقال أحمد : حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا الضحاك بن عثمان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحدكم إذا كان في المسجد جاء الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته فإذا سكن له زنقه أو ألجمه . قال أبو هريرة : وأنتم ترون ذلك ; أما المزنوق فتراه مائلا كذا لا يذكر الله ، وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل تفرد به أحمد . وقال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير ، [ ص: 141 ] حدثنا ثور يعني ابن يزيد ، عن مكحول ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العين حق ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم . وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن ذر بن عبد الله الهمداني ، عن عبد الله بن شداد ، عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أحدث نفسي بالشيء ; لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة . ورواه أبو داود ، والنسائي من حديث منصور ، زاد النسائي : والأعمش ، كلاهما عن ذر به .
وقال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة قال : قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ، ولينته . وهكذا رواه مسلم من حديث الليث ، ومن حديث الزهري ، وهشام بن عروة ، كلاهما عن عروة به . وقد قال الله تعالى : إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون [ الأعراف : 201 ] . وقال تعالى : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون [ المؤمنون : 97 - 98 ] . [ ص: 142 ] وقال تعالى : وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم [ الأعراف : 200 ] . وقال تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون [ النحل : 98 - 100 ] . | |
|